فضلا عن الشروط اللازمة في أطراف الدعوى هناك شروط لابد من توافرها في الحق المدعى به حتى تقبل الدعوى، وتنحصر هذه الشروط في التالي:
الشرط الأول: أن يكون الحق المدعى به ثابتًا ومستحق الأداء.
إذ لا يجوز التمسك بحق غير موجود أصلا، كما يشترط أن يكون الحق المدعى به مستحق الأداء، فعدم ثبوت الحق وعدم استحقاقه حالاً لا يمنع المدعي من اتخاذ بعض الإجراءات التحفظية التي من شأنها المحافظة على هذا الحق إلى أن يصير ثابتًا ومستحق الأداء.
الشرط الثاني: أن يكون الحق المدعى به مشروعًا.
بمعنى أن يكون الحق المطالب به غير مخالف لقواعد الشرعة الإسلامية والأنظمة النافذة في المملكة وغير مخالف للنظام العام أو الأخلاق الحميدة، فإذا ما اعتبر النظام الحق المطالب به غير مشروع لم يجز الادعاء من أجله.
الشرط الثالث: ألا يكون الحق المدعى به قد سبق الحكم به.
فإذا كان قد حكم للمدعي بالحق الذي يطالب به بحكم فاصل في النزاع، فإنه لا يجوز له أن يتقدم بدعوى ثانية من أجل ذات الحق تطبيقًا لمبدأ حجية الشيء المحكوم به، إذ لا يجوز للمحكمة أن تفصل في نزاع سبق أن حسمه حكم سابق إلا إذا كانت هي المختصة بنظر الطعن الموجه إليه ؛ بمعنى أنه إذا اتحدت عناصر الدعوى الثلاث وهي الموضوع والسبب والأطراف، وبتت المحكمة فيها سلبًا أو إيجابًا ، فإنه لا يمكن أن تقام الدعوى بذات هذه العناصر إلا وفقاً لطرق الطعن النظامية.
الشرط الرابع: ألا يكون قد أتُفق على التحكيم بصدد الحق المدعى به.
فالاتفاق على التحكيم ينزع الاختصاص دائمًا، والخصم بهذا الاتفاق يتنازل عن الالتجاء إلى القضاء لحماية حقه، وبالتالي يكون الدفع بالاعتداد بشرط التحكيم من قبيل الدفع بعدم قبول الدعوى؛ لأن الخصم ينكر به سلطة خصمه في الالتجاء إلى القضاء العادي للذود عن الحق.
الشرط الخامس: ألا يكون قد تم صلح بين الخصوم بصدد الحق المدعى به.
إذ بمقتضى هذا الصلح لا يعتد بما كان للخصوم من حقوق مسها وبالتالي لا تكون لديهم دعوى لحمايتها، غير أنه إذا ثار نزاع بصدد تفسيره فمن الجائز أن ترفع دعوى بطلب تفسيره وتحديده حقوق أطرافه.
1- أشكال الدعاوى: تقدم الدعاوى إلى القضاء المختص بصيغ وأشكال متعددة كوسيلة قانونية وحيدة لاقتضاء الحقوق أو حمايتها أو الدفاع عنها فقد تقدم بصيغة طلب أصلي يعرض فيه المدعي طلباته مباشرة كي يحكم له القضاء بها، ويمكن أن تقدم بصيغة طلب عارض يتضمن إضافات أو تصحيحات على الطلب الأصلي، كما يمكن أن تقدم الدعوى عن طريق التدخل الاختياري أو الإجباري ويكون التدخل اختيارياً عندما يطلب شخص ليس طرفاً في دعوى قائمة التدخل فيها سواء بالانضمام إلى أحد أطرافها أو بطلب الحكم لنفسه وذلك باستدعاء يقدم إلى المحكمة وفق الإجراءات التي تقدم بها الدعوى أو الطلبات الأصلية، وبشرط أن يقدم الطلب قبل قفل باب المرافعة في الدعوى.
هذا ويكون التدخل إجبارياً عندما يطلب المدعي أو المدعى عليه في الدعوى إدخال شخص ثالث فيها إما للحكم عليه فيها، أو لصدور الحكم بمواجهته منعاً من خصومة لاحقة وذلك لكونه كان مختصماً في مرحلة سابقة، أو لوجود رابطة تضامن أو التزام لا يقبل التجزئة أو لكونه وارثاً أو شريكاً لأحد الخصوم، أو لأنه قد يضار من الحكم الذي قد يصدر فيها. ويقدمّ طلب الإدخال باستدعاء أو بمذكرة إلى المحكمة التي تنظر في الدعوى القائمة.
كما تأخذ الدعاوى أحياناً صيغة دفع يقدم شفاهه أو بمذكرة في دعوى قائمة، وتكون الدعاوى في هذه الحالة سلبية حيث يقصد منها الحيلولة دون صدور حكم على صاحب الدفع، وتقسم الدفوع إلى دفوع شكلية ودفوع موضوعية، وتقدم الدفوع الشكلية قبل الدفوع الموضوعية لأن بعض الدفوع الشكلية تسقط إذا ما تم التعرض للموضوع مثل الدفع بعدم الاختصاص المحلي، وبطلان مذكرات التبليغ، وإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى للارتباط، والدفع بوجود شرط التحكيم ويترتب على مثل هذه الدفوع الحكم برد الدعوى شكلاً، أما الدفوع الموضوعية فهي تلك التي يترتب عليها الحكم برد الدعوى لعدم الثبوت أو للسقوط، أو للوفاء.
2- أنواع الدعاوى وتصنيفها: تتعدد الدعاوى وتتنوع بتنوع الحقوق والمراكز الحقوقية المراد اقتضاؤها أو حمايتها. كما تختلف باختلاف أهدافها وغاياتها، وهذا التنوع يؤدي إلى وضع تصنيفات متعددة لها، منها ما يقوم على أساس الغاية إذ تصنف إلى دعاوى موضوعية ودعاوى مستعجلة، فيكون هدف دعوى الموضوع حسم نزاع عن طريق الحصول على الحق أو حماية المركز الحقوقي، أو الإلزام بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل أو إعطاء أداء، أما الدعاوى المستعجلة فترمي إلى اتخاذ تدبير وقتي أو احتياطي ريثما يتم الفصل في الموضوع أو اللجوء إلى قضاء الموضوع.
كما تصنف بالنظر إلى طبيعة الحق المدعى به، إذ تقسم إلى دعاوى شخصية وعينية ومختلطة، فتكون شخصية إذا كانت ترمي إلى حماية حق شخصي أو ما يسمى بحقوق الدائنية (الالتزامات)، ويدخل أيضاً ضمن الدعاوى الشخصية الدعاوى المتعلقة بالحقوق غير المالية كحقوق الأسرة والملكية الأدبية والصناعية.
أما الدعاوى العينية فترمي إلى حماية حق عيني كالملكية والانتفاع والارتفاق والرهن، وكذلك دعاوى الاستحقاق والاسترداد إذا كانت تستند إلى حق الملكية، ودعاوى الحيازة، ودعاوى الحدود والمسافات.
أما الدعاوى المختلطة فهي التي تستند إلى حق شخصي وحق عيني، كدعوى تثبيت مبيع عقار وتسجيله أو دعوى فسخ عقد بيع واسترداد العقار لعدم دفع الثمن، ويفيد تقسيم الدعاوى إلى عينية وشخصية ومختلطة في تحديد المحكمة المختصة محلياً في النظر بتلك الدعوى، وكذلك الأمر بالنسبة لوجوب وضع إشارة دعوى حيث تكون متوجبة إذا كانت الدعوى عينية أو مختلطة ولا تعدّ كذلك إذا كانت الدعوى شخصية.
هذا ويوجد تصنيف ثالث للدعاوى يقوم على تقسيمها إلى دعاوى منقولة ودعاوى عقارية، فتكون الدعوى منقولة إذا كانت ترمي إلى حماية حق على منقول وعقارية، إذا كانت تهدف حماية حق على عقار، ويفيد هذه التصنيف في تحديد اختصاص المحاكم المحلي والقيمي.
أما التصنيف الأخير للدعاوى فهو تقسيمها إلى دعاوى ملكية ودعاوى حيازة، إذ ترمي دعاوى الملكية كما ذُكر أعلاه إلى حماية حق عيني على عقار كحق الملكية وحق الانتفاع.
بينما تهدف دعاوى الحيازة إلى حماية الحيازة ذاتها وليس حماية الحق العيني، لذلك لا يجوز الجمع بين دعاوى أصل الحق ودعاوى الحيازة تحت طائلة سقوط دعاوى الحيازة لكن هذا لا يمنع من استناد دعاوى الحيازة إلى أصل الحق باعتباره المستند القانوني لتلك الدعاوى، ولأن القانون أصلاً يحمي الحيازة القانونية التي تستند إلى سبب مشروع، أما الحيازة غير المشروعة فلا تتمتع بالحماية.
1-إن الدعوى وسيلة وحق يستطيع الأفراد من خلاله مراجعة القضاء لحماية حقوقهم أو الدفاع عنها، وهي ترتبط بتلك الحقوق من خلال كونها تهدف إلى حمايتها أو تثبيتها أو اقتضائها، ولكنها مستقلة عنها لا تندمج فيها، والدعوى تتضمن الطلبات التي يقدمها المدعي مهما كان نوعها أو تسميتها، إضافة إلى حق الخصم في تقديم كافة الطلبات والدفوع الهادفة إلى إنكارها ودحضها.
2-إن الدعوى باعتبارها حق فإنها تنتقل إلى الغير عن طريق التفرغ أو الحوالة، كما، تنتقل إلى الورثة بعد الوفاة إذا لم تكن متعلقة بالحقوق الملازمة لشخصية المتوفى كالطلاق والنفقة وغير ذلك.
3-يجوز التنازل عن الدعوى بعد إقامتها في أي وقت بموافقة الخصم، وأن التنازل عن الدعوى لا يعني دائماً التنازل عن الحق، إذ يبقى لصاحب الحق إقامة دعوى جديدة لحمايته، أما التنازل عن الحق المطالب بحمايته في الدعوى، فإنه يعني التنازل حكماً عن تلك الدعوى، لأنه لا دعوى بلا حق
4-إن استعمال الدعوى كحق أو وسيلة لمراجعة القضاء ليس أمراً إلزامياً بل هو اختياري، إذ يكون للشخص أن يستعمله أو يتنازل عنه، أو أن يلجأ إلى طرق ودية، أو اختيار طريق التحكيم، كما يمكنه أن يتغاضى عن الاعتداء الواقع على حقه، وإن كان السكوت عن الدفاع عن الحقوق أو المطالبة فيها ليس أمراً يخدم مصلحة المجتمع.
استقلال الدعوى كوسيلة قانونية عن الحق الموضوعي الذي تحميه، ويظهر هذا الاستقلال في سبب وشروط كل منهما، وكذلك في الاستعمال والموضوع والآثار القانونية، وأهم الفروقات فيما يأتي:
1-يقضي المبدأ أنه لا يوجد حق دون دعوى تحميه إذ إنه لكل حق دعوى تضمن حمايته، باستثناء الالتزامات الطبيعية، إذ يوجد هنا حق للدائن، ولكن الدعوى تكون قد سقطت بالتقادم فيبقى الحق وتسقط الدعوى، لأن الالتزام الطبيعي يصلح سبباً لالتزام مدني.
2-إن سبب الحق يكون إما تصرفاً قانونياً منشئاً له كالعقد، أو الإرادة المنفردة، وإما واقعة قانونية، كالعمل غير المشروع أو الإثراء بلا سبب، في حين أن سبب الدعوى هو الاعتداء على الحق أو لإنكار وجوده.
3-شروط الدعوى تختلف عن شروط استعمال الحق، مثل الأهلية، والمواعيد، وبعض الإجراءات المنصوص عليها في القانون، كما يختلفان من حيث تحديد القانون الواجب التطبيق على كل منهما.
4-تختلف الدعوى عن الحق من حيث الموضوع، فموضوع الحق قد يكون سلطة مباشرة على شيء أو أداء شيء أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل، بينما يكون موضوع الدعوى هو تثبيت الحق أو التمكين من استعماله، أو الالتزام بتنفيذ التزام، أو دفع تعويض، لهذا قد تتعدد الخيارات في الدعاوى لحماية الحق الواحد، كما هو عليه الأمر في إخلال أحد المتعاقدين في تنفيذ التزام تعاقدي- التنفيذ، الفسخ مع التعويض.
5-يوجد نقاط الالتقاء بين الدعوى والحق منها أنه لكل حق دعوى واحدة تحميه ولا وجود لأحدهما دون الآخر، وتختلط طبيعة الدعوى مع طبيعة الحق، إذ إن الدعوى تسمى عادة باسم الحق الذي تحميه.
من المعروف ان دعوى المطالبة المالية هي وسيلة يستعملها المتقاضي لتحريك اجراءات نظامية محددة، يأمل في نهايتها الحصول على حكم قضائي من المحكمة لغايات تحصيل مستحقاته المالية من ذمم الدائينين.
الدعاوى القضائية غالبا ما تتميز عن مثيلاتها بأسانيد متعلقة بتفاصيل المطالبة ذاتها، فكما هو معلوم ان لكل دعوى سند من القانون يحكم اجراءات رفعها نظاميا لدى المحاكم المختصة وتختلف هذه الاسانيد باختلاف درجات التقاضي التي تصل اليها الدعوى، فالمحكمة الابتدائية له اسانيد دعوى تختلف عن المحكمة العليا او محكمة الاستئناف وهكذا، ولا شك ان التقاضي من الحقوق الجوهرية التي كفلها الدستور السعودي عامةً التي لا يمكن منعها الا بنص دستوري صريح.